أنت الآن هنا: الصفحة الرئيسة - نافذة على مزاب - التراث الإباضي - ملتقى الفكر الإباضي بإيطاليا

نافذة على مزاب

الإثنين 16 ديسمبر 2013

ملتقى الفكر الإباضي بإيطاليا

د. مصطفى ناصر وينتن

نظمت جامعة نابلي بإيطاليا ملتقى علميا في موضوع: الفكر الكلامي الإباضي إعادة قراءة في المصادر والأعمال. بمعهد الدراسات الشرقية "l’orientale" من يوم 28 ماي إلى 30.

كان الملتقى مناسبة للقاء كفاءات علمية دولية متعددة متخصصة في دراسة الفكر الإباضي من الباحثين المسلمين ومن المستشرقين، لقاء بين أجيال من القدامى في الدراسات الإسلامية والاستشراق وجيل من الباحثين الشباب الذين يترسمون خطى من سبقهم من الجانبين.

ويعتبر هذا المعهد أحد مدارس الاستشراق الكبرى، تخرج فيه الكثير من المستشرقين، منذ التأسيس ومنهم حاليا أمثال فرانشيسكا إريسيليا، وأمورتي سكارسيا ....

أشغال اليوم الأول:

ابتدأ الملتقى بجلسة الافتتاح التي تناول فيها الكلمات مدير جامعة نابلي "ليدا فيجانوني"، وعميد دائرة الدراسات روبرتو توتولي، وعميد الدراسات العربية الإسلامية والمتوسطية، جوستينو سيلاردو، ومدير مجلة التسامح العمانية الأستاذ عبد الرحمن السالمي. 

ركز المتدخلون في الجلسة الافتتاحية على أهمية موضوع الملتقى من جانب تاريخي ومن اعتبار الواقع والخطاب الإسلامي المعاصر، وحوار الحضارات والتطلع إلى معرفة الآخر.

واعتبر المنظمون أنهم بهذا يدللون على وفاء لأسلافهم من الدارسين وخاصة المنشئين لقسم الدراسات الاستشراقية في جامعة نابلي، أمثال روبرتو روبانيتشي، الذين كان البحث في الفكر الإباضي محور اهتمامهم، فيما يتعلق بأصول نشأته وعقيدته، وعلاقته بمختلف المذاهب الإسلامية.

ويأتي هذا الملتقى لإعادة القراءة من جديد في هذا الاهتمام العلمي على ضوء معطيات جديدة من توفر المصادر وجديد الأوضاع الاجتماعية والفكرية والتحولات العالمية، مما يفترض أن يكون لهذا الفكر تفاعل، ويمكن الاستفادة منه ربطا بين الأصالة والحداثة.

وأكدوا على ضرورة التخلي بالخلق العلمي والسعي إلى الدراسات النزيهة واستبعاد الأحكام المسبقة، والعمل على توطيد الصلات بين الباحثين في الفكر الإباضي مع اختلاف انتماءاتهم وتعدد رؤاهم، في سبيل الوصول إلى فهم أقرب لهذا الفكر باعتباره جزءا من الفكر الإسلامي عموما. 

بعد جلسة الافتتاح توالت الجلسات العلمية التي كانت بدايتها بمحاضرة كانت ابتدائية حيث يخصص         التدخل الأول خارج إطار الجلسة لأحد كبار المسنشرقين وكانت البداية بـمحاضرة افتتاحية لويلفريد مادلينج، من جامعة أكسفورد بلندن، ومحاضرته بعنوان: مقارنة بين الإباضية والمعتزلة في العصر الأول الإسلامي، وعرض فيها فكر المدرستين ونقاط الاتفاق والاختلاف، ونشأة الإباضية، وظروفها، وعلاقتها بالدولة الأموية، ومكانة العقل في المدرستين.

تلت هذه البداية المحاضرة الأولى ضمن الجلسة الثانية،للدكتور صالح البوسعيدي من عمان وتناول بالبحث والبيان منهج الإباضية في التعامل مع المصادر الشرعية القرآن والسنة، وكذا الأخبار، وفيها ركز على محاولتهم البقاء على منهج متوازن يحفظ الاتفاق ويبعد عن التعارض بين هذه المصادر باعتبارها وحيا، لا يمكن أن يكون فيه خلل في أي وعاء من أوعيته قرآنا أو سنة. وكان نتيجة هذا المنهج اعتماد الضوابط للاستدلال بما يكون قطعي الثبوت قطعي الدلالة خاصة بالنسبة إلى الحديث، وكذا اعتماد التأويل المتقيد بالنصوص المحكمة.

وقدم بعده الباحث سيريل الييه،من جامعة ليون الثانية، عرضا عن كتاب ابن سلام بعنوان، "بدء الإسلام وشرائع الدين"، وبين مصادر ابن سلام وناقش نسبة الكتاب وانتهى إلى أنه يقسم إلى قسمين الأول فيه جانب تاريخي والثاني عبارة عن مسائل عقدية مبسطة مقصود بها تعليم عامة الناس وهم حديثو عهد بالإسلام.

ثم عرض الأستاذ عمارة علاوة من جامعة الأمير عبد القادر رسالة الشيخ أبي عثمان عمرو بن خليفة السوفي بعنوان "رسالة بيان كل الفرق" بين فيها النسبة وإمكانية تعاون تلاميذ المؤلف في كتابته، ثم عرج على الفرق التي ذكرت في الرسالة، وعلاقتها بالوهبية وآرائها.

وفي الجلسة الثانية المسائية استمر العمل بتقديم الأستاذة إرسيليا فرانشيسكا عرضا عن الأعمال الاستشراقية عن الإباضية في معهد الدراسات الاستشراقية بنابلي، وعرضت وصفا لهذه الأعمال ومحتوياتها، دللت على الاهتمام بالفكر الإباضي منذ وقت مبكر وبشكل مكثف.

ثم قدم الباحث دانيلو راديلفوف من معهد الدراسات الاستشراقية في الأكاديمية الوطنية للعلوم في أكرانيا، عرضا عن سيرة خالد القحطاني ركز فيه على قضية الافتراق والفتنة والمواقف من أطرافها، 

ثم محاضرة ليونارد شيارلي من الولايات المتحدة، وتناول فيها بحث إمكانية وجود الإباضية في جزيرة صقلية، من خلال بحث انتقال البربر المسلمين إليها وجهودهم في الفتح الإسلامي، ومن خلال الحياة الاجتماعية للمسلمين وأصولهم من المغرب الإسلامي. ومنهم قبيلة هوارة بخاصة، وهم العدد الأكبر، وقاموا بدور كبير في فتحها. وكذا تشابه أسماء المدن بين صقلية وشمال إفريقية.

وانتهى إلى أن إثبات الوجود الإباضي في الجزيرة يضيف قيمة جديدة في دراسة تاريخ صقلية المسلمة.

وقدمت الأستاذة آنة مارية دي توليا، من معهد الدراسات الاستشراقية في جامعة نابلي، متخصصة في اللغة البربرية، عرضا عن الترجمات البربرية للعقائد الإباضية: انطلقت من وضعية سكان شمال إفريقية البربر مما يستدعي أن يكون تعليمهم تم أولا بالبربرية وهذا ما يفترض أن هناك كتبا بالبربرية قد كتبت في الموضوع، وإن كانت الباحثة لم تقدم إلا نموذج عقيدة أبي حفص بن جميع، التي ترجمها من البربرية، ويبقى البحث مستمرا للوقوف على نماذج أخرى تشهد على نشر الإسلام باعتماد لغة المدعوين.

وختم اليوم بمحاضرة مشتركة بين الشيخ الدكتور فرحات الجعبيري، من جامعة تونس، والأستاذ الدكتور العروسي الميزوري، عميد كلية أصول الدين في جامعة الزيتونة، وقد قدما عرضا عن العقيدة عند الإباضية وأصولها وبعدها الحضاري، وأئمة المذهب، وأن المسلمين في أصولهم لم يختلفوا ولكن آراؤهم في الفروع هي التي كانت محل تعدد آراء.

المصدر : موقع جمعية الثراث

إضافة تعليق