أنت الآن هنا: الصفحة الرئيسة - أحداث ومحطات - فتنة غرداية ديسمبر 2013 - خطبة الجمعة : أيها الشاب نحن نحبك
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد / فيا أيها الإخوة المؤمنون :
يقول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ـ امَنُوا بِرَبـِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى(13) وَرَبَطْنَا عَلَىا قُلُوبِهِمُ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبـُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَآ إِذًا شَطَطًا) 13-14 الكهف.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :{ سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل ، ورجل متعلق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا وتفرقا على ذلك ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه بالدموع من خشية الله ، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه} رواه الربيع.
لقد حث الإسلام المجتمع على الاهتمام بفئة الشباب الذي يعتبر العمود الفقري له في الملمات ، والدرع الواقي في الأزمات ، وحرص أشد الحرص على تنشئته تنشئة صالحة ورعايته ونصحه وتوجيهه حتى يستنير عقله ويحيا قلبه ويستقيم لسانه وتصلح أحواله... فالشباب مرحلة يمر بها الإنسان السوي وهي زهرة عمره التي ستذبل في كبره فلا بد أن يستغلها بما يعود عليه وعلى مجتمعه بالخير والنفع العميم ولا يتأتى له ذلك إلا بالمرافقة الدائمة وعظا وإرشادا وتشجيعا وتحسيسا.
في هذه الأسابيع الأخيرة أقيمت في بعض مساجدنا دروس ومحاضرات تهم الشباب ضمن رسائل نصح وإرشاد من الدعاة والوعاظ والخطباء والأساتذة والدكاترة والمرشدين الذين تفتخر بهم أمتنا جزاهم الله خيرا تحت عنوان : أيها الشباب هذه رسائل أمتك إليك.
هي رسائل مهمة تنير العقول وتصحح المفاهيم وتضع الشباب على النهج القويم بتوفيق من الله عز وجل.
لقد من الله علينا وله الحمد والشكر بشباب غيور على دينه ومجتمعه ، ظهر ذلك جليا في تضحياته ودفاعه عن الحرمات والممتلكات طيلة عام ونصف ولا يزال في الثغور، قام ببطولات نادرة واستبسالات باهرة وسهر الليالي الطوال لا يغمض له جفن تحسبا لكل طارئ...نفتخر بهم ونعتز بجهادهم...سدد الله خطاهم.
ويحق لنا أن نقول لآبائنا ومشايخنا ورموزنا الذين سبقونا بالإيمان والتحقوا بالرفيق الأعلى : ناموا في قبوركم آمنين مطمئنين ولا تخافوا على أمتكم فقد تركتم من بعدكم أسودا لا أشبالا ومجاهدين أبطالا وأولادا رجالا يكونون لكم خير خلف لخير سلف...وكأني بلسان حال شبابنا يقول : دعواتنا لكم بالرحمات يا آباءنا ويا مشايخنا ربيتمونا وعلمتمونا ونشأتمونا وضحيتم من أجلنا وبذلتم في سبيل إسعادنا النفس والنفيس ولن نستطيع أن نوفي حقوقكم ، نعترف بجميلكم وسنسير على دربكم فالمشعل لن ينطفئ والأمانة لن تضيع من بين أيدينا ما دام آباؤنا ومشايخنا الأحياء سندا وعونا لنا بكل ما أوتوا من حنكة وخبرة ونصح وحنان.
أيها الشاب العزيز:
هل تعلم ويجب أن تعلم أنك أمل هذه الأمة ودمها الفياض وفخر الجدود.
هل تعلم ويجب أن تعلم أنك الخلف الصالح للسلف الصالح ورجل الغد وسيد المستقبل.
فلا تستصغر من شأنك ولا تحتقر ذاتك.
كلنا نحبك ونخاف عليك ونتمنى لك الخير في دنياك والفوز في أخراك...
نريد منك أن تكون إنسانا سويا راسخ العقيدة ثابت المبدأ متمسكا بدينك معتزا بمذهبك غيورا على أهلك وبلدك.
نريد منك أن تكون صحيح البدن سليم الحواس مؤديا للفرائض عامرا للمساجد بارا بوالديك واصلا لأرحامك موقرا لكبارك راحما لصغارك .
نريد منك أن تكون حسن السلوك مجتنبا للفواحش والمنكرات طيب الأخلاق عالي الهمة مبتعدا عن قرناء السوء ومجالس القمار والمخدرات ومواطن التهم والشبهات.
نريد منك أن تكون عاملا طموحا مسترزقا من الحلال لا بطالا كسولا ولا متسولا عالة على الناس.
نريد منك أن تكون رجلا اجتماعيا شجاعا مقداما فعالا للخير محبا لإخوانك مستجيبا لنداء مجتمعك وهيئاتك العُرفية العتيدة(العزابة، الأعيان، العشيرة، المحاضر...) هكذا نتمنى أن تكون وأنت قادر على ذلك بالعزيمة الصادقة والالتزام بتعاليم الدين الحنيف.
أخي الشاب العزيز:
نحن نحبك مهما كنت ولو زلت بك قدمك مرة من المرات، وانحرفت في وقت من الأوقات ، وانغمست في بعض الشهوات ، واقترفت بعض المخالفات ، ولا نقصي أحدا ولا نرفض شخصا أبدا، غايتنا أننا ندعو للجميع بالهداية والاستقامة لأن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.
كم يحزننا أن نسمع بشاب انحرف ، وكم يغيظنا أن نرى شابا يدخن ، وكم يبكينا أن نعلم أن شابا خان أو سرق أو زنى أو تعدى...كل ذلك يؤلم قلوبنا ويزلزل مشاعرنا ومع ذلك أملنا في الله كبير أن يهدي ضالنا ويرشد حائرنا ويرد شاردنا ويصلح شبابنا لأن بذور الخير والإيمان لا تزال كامنة في قلوبهم وستسقى بماء النصح والإرشاد وستزهر قريبا بإذن الله تعالى ندما وتوبة واستغفارا وستثمر استقامة وصلاحا لأن الله تعالى يقول :
( قُلْ يَاعِبَادِي الذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىآ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا اِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53) وَأَنِيبُوا إِلَىا رَبـِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَنْ يَّاتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) 53-54 الزمر.
أيها الشاب العزيز هداني الله وإياك :
حرصا منا على سلامتك في الدنيا ونجاتك في الآخرة فالخيرون من أمتك يرسلون إليك هذه الرسائل الواضحة غير مشفرة تدور مضامينها على : ترسيخ العقيدة والاعتزاز بالهيئات العرفية والانضمام إلى المنظمات الهادفة وحسن التعامل مع الإعلام الحديث والتحذير من الآفات والمنكرات والاقتداء بالسلف الصالح في الحياة.
من ضمن هذه الرسائل أختار لك تنويها وتذكيرا وتحذيرا : رسالتي أيها الشاب إياك وهذه الآفات ، فتقبلها بقبول حسن وبصدر رحب فالخير كل الخير في قبول النصح والإرشاد.
أخي الشاب العزيز:
إن أخطر آفة تهدد الشباب والناس عموما في دنياهم وأخراهم هي الاسترسال في المعاصي بعد سماع النذر والآيات ، والتمادي في الغي والضلال بعد المواعظ والتوجيهات، والتسويف في التوبة والإقلاع قبل حلول المنيات والله تعالى يقول :( وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ)205 الأعراف.
ونحمد الله تعالى حمدا كثيرا على أن قيض لنا من شبابنا الصالح من يذكرنا وينبهنا ويعظنا ويهدينا سبل الرشاد بالذكر الحكيم وهدي الرسول الكريم من خطباء ومرشدين ودعاة ووعاظ ومؤطرين في المنظمات الكشفية و والرياضية والثقافية ...
أخي الشاب الحبيب :
سارع إلى التوبة والإنابة وإصلاح نفسك وتغيير طباعك وكن ممن قال فيهم تعالى : ( اِنَّ الذِينَ اتَّقَوِا اِذَا مَسَّهُمْ طَآئِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)201 الأعراف.
عجل بتصحيح علاقتك بربك وتجديد العزم على السير في النهج القويم قبل فوات الأوان فعمرك محدود وأنفاسك معدودة وكل معدود ينتهي...قال تعالى : ( سَارِعُواْ إِلىَا مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبـِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالاَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).133 آل عمران.
واعلم أن باب التوبة مفتوح لك في كل وقت فلا تتردد ، فالله أرحم بك من نفسك مهما عظمت خطاياك قال تعالى : ( وَالذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَّغْفِرُ الذُّنُوبُ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىا مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)135 آل عمران.
إن الآفات الاجتماعية والمعاصي الذاتية جراثيم خبيثة وأمراض فتاكة ...اجتنبها وفر منها فرارك من الأسد.
قال تعالى :( وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) 151 الأنعام .
واسأل الله تعالى أن يحفظك و يعصمك منها وأن يطهرك إن ألممت ببعضها ساعة الغفلة واتباع الهوى والشيطان.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
*********
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد / فيا أيها الإخوة المؤمنون :
أخي الشاب الراجي عفو ربه:
قال تعالى :( فَذَكِّرْ بِالْقُرْءَانِ مَنْ يَّخَافُ وَعِيدِي) 45 ق. استمع الآن بأذنك وأنصت بقلبك لهذه الآيات التي تقشعر منها الجلود وترتجف لها القلوب وهي تشخص لنا مصير بعض العصاة الذين زاغوا عن الجادة ولم يصغوا إلى الناصحين وفرطوا في جنب الله وركضوا وراء أهوائهم حتى أتاهم اليقين وتلقفهم ملك الموت وهم مقصرون قال تعالى : (حَتَّى إِذَا جَآءَ احَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ(99) لَعَلِّيَ أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلآَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَّرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ اِلىَا يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلآَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ(101) فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ(103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ(104) أَلَمْ تَكُنَ _ايَاتِي تُتْلَىا عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ بها تُكَذِّبُونَ(105) قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَآلِّينَ(106) رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ(107) قَالَ اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ(108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ(109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سُخْرِيًّا حَتَّىآ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ(110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُواْ أَنَّهُمْ هُمُ الفَآئِزُونَ(111) قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الاَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) 100/112 المؤمنون.
هذه هي الخاتمة الأليمة لمن ران على قلوبهم وأعرضوا عن ذكر الله تعالى وأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وجعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا...نسأل الله تعالى جميعا حسن الخاتمة.
أيها الإخوة المؤمنون :
من أراد أن يستزيد علما وفقها في مجال نصح الشباب فليقتن أقراص هذه الرسائل والدروس من مظانها في المساجد ولينشرها فإنها مفيدة نافعة بتوفيق من الله تعالى والدال على الخير كفاعله.
وفي الختام إليكم أيها الشباب الصالح هديتكم من رسول الله رسول الرحمة وما أغلاها من هدية تفرح القلوب وتبهج النفوس ...قال رسول الله : { اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم } رواه أحمد.
فاللهم اهدنا واهد شبابنا وشباب المسلمين ...اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين ، اللهم اجعل بلدتنا وسائر بلاد المسلمين آمنة رخية ...اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ...اللهم باعد عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن ...اللهم انصرنا على من عادانا واجعل ثأرنا على من ظلمنا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين ...اللهم وفق ولاة أمورنا ومسؤولينا وإطاراتنا لما تحبه وترضاه واجعلهم في صالح العباد وخدمة البلاد يا أحكم الحاكمين...اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأهلك أعداءك أعداء الدين يا قوي يا متين...ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم...عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر يعظكم لعلكم ترحمون...وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
أ. كركاشة إبراهيم بن عمر
غرداية / يوم الجمعة 03 ربيع الثاني 1436 هـ / 23 جانفي 2015م.