أنت الآن هنا: الصفحة الرئيسة - أحداث ومحطات - فتنة غرداية ديسمبر 2013 - غرداية معذرة..!

أحداث ومحطات

الأربعاء 17 ديسمبر 2014

غرداية معذرة..!

أ. عبد الوهّاب حمّو فخّار

هل يُمكن أن ترحلوا عنّا؟.

هل يمكن أن نَرحلَ عنكم؟!.

هل يمكن أن يَرحلَ بعضُنا،

ويرحلَ بعضُكم؟.

هل يمكن أن يبقى بعضُنا،

ويبقى بعضُكم؟.

 

من سيرحلُ منّا؟،

من سيرحلُ منكم؟…

من سيبقى منّا؟،

من سيبقى منكم؟.

 

هل يمكن للباقينَ، منّا ومنكم،

أن يصنعوا الوئام؟!.

هل يمكن للرّاحلينَ، منّا ومنكم،

أن يجدوا السّلام؟!…

* * *

هل يمكن أن نرحلَ معًا؟.

إلى حيثُ لا نلتقي!…

أو إلى: حيثُ يُمكن أن نلتقي،

بعد أن نَرتقي!…

ولو بعد حين!،

أو، بعد طولِ سِنين!.

أم سنبقى على حالِنا:

يَلعن بعضُنا بعضًا!،

يَمحق بعضُنا بعضًا!،

يُنكر بعضُنا بعضًا!…

كحالِ جُلّ المسلمين!؟،

من يسارٍ أو يمين!،

فقهاءَ، عقلاءَ، أو مجانين!…

لنفترقَ إلى الأبد، أبَدِ الآبدين!…

حتى يأتِيَنا اليقين…

* * *

هل يمكن: أن نتعايشَ “هنا”؟

على أسوَءِ الأحوال…

إسلامُنا”… -معذرة-”

نضعُه في سَلّة الإهمال!؟.

نتعايشُ، كما يتعايش،

في الدُّوَل الرّاقيّة:

اليهودِيُّ، مع البوذِيّ…

الصّليبـِيُّ، مع الوثنِيّ…

بدون قتلٍ، ولا حرقٍ،

ولا سلبٍ للأموال…

نتعايش –معذرة-

على أنّك، أنت الّذي:

أنَرت الصّحراءَ للأعداء!.

في الـمُنتهى: نِلتُ، جعجعةً،

ونِلتَ أنت، الرّحَى والطّحين…

لا يهمّ!.

نتعايشُ، على أنّني:

أنا البربريُّ الخارِجِيّ،

أُتقن قتل الصّحابةِ الأوّلين!؟…

لا يهمّ!.

أنا الّذي، قتلت “عليًّا”،

-كرّم الله وجهه-

بعد “صَفّين”!؟…

وقتلتُ “عمرَ”، و”عثمانَ”،

و”بوضيافَ” -إن شئت-

و”الحسنَ” و”الحسين”!…

لا يهمّ!.

 

أنت الّذي…، وأنا الّذي…

أنتم ونحن، نحن وأنتم…

جدالٌ عقيم!:

أطاح بالإسلام والمسلمين…

حِقدٌ، وتحقير، وتكفير،

صِرنا به: ذهبًا مزيّفًا،

بدون، لمعانٍ ولا رنين!؟.

لا يهمّ!.

فَلْيكن -يا لَلأَسف-!.

ما ندّعي وما تدّعون…

المهمُّ:

لا يهمّني كيف تكون…

لَونُك ونُطقُك… أصلك وفصلُك…

لا يهمّ.

المهمّ:

لا يهمّك كيف أكون…

“لله في خلقه شؤون”!…

الأهمّ:

أنّني وأنّك، إنسان:

جمعتنا “الجزائرُ”، الأمُّ الحنون…

الأهمّ:

أنّنا جيران،

مشيئة الله، هكذا،

أرادت أن نكون…

الأهمّ:

نحن، في سفينة واحدة،

بدون، تعايش سلميّ:

نحن وأنتم، أنتم ونحن،

-لا محالة-

غارقون، هالكون!…

* * *

هل يمكن أن نرحل معًا؟.

إلى أين؟…

إلى حيث، يمكن أن نلتقي،

أو لا نلتقي… لا يهم!؟…

المهمّ!:

غردايةُ نتركُها:

خاويةً على عروشها،

بدون إنسان!؟…

غردايةُ نتركها:

فمًا، بدون أسنان!؟…

 

غردايةُ نتركها، متحفًا للزّائرين!.

دِيارُنا نتركها، مراقدَ للوافدين!.

أسواقُنا نتركها،

مسارحَ: للرّاقصات والرّاقصين!؟…

 

غردايةُ نتركُها:

وصمةَ عار في الجبين!،

لدَولةٍ، ترعى طمس النّفائس!؟.

لأشباحٍ لها، تُجيز قتلَ العرائس!؟.

لنظام، يهوى البقاء،

ولو على:

لهيبِ الفتن والدّسائس!!!…

 

نظام، له منّا، كلُّ التّقدير!…

كم صفّقنا له، كم رَقَصنا!…

كم مَشَينا في مسيراتٍ لهُ،

كم هَتفنا!… وانحنَينا،

على صناديقَ له، وانتخَبنا!…

كم صوّتنا، بـِ “نعَم”:

شئنا، أم أبَينا!؟…

من أجله، ولأجله:

قد هَرِمنا!…

 

في آخر المطاف، نُجازى:

جزاءَ سِنِمَّار!؟…

ليُغلقَ بابُ المدينة،

على أصحاب الدّار!.

لا يدخُلون، ولا يخرُجون،

إلاّ، بوابلٍ من أحجار!.

أو طَعنةِ خِنجر،

أو شُعلةٍ من نار!!!…

سبٌّ، ولعن، وتكفير!…

حرقٌ، وقتل، وتهجير!…

حصارٌ، في حصارٍ، في حصار!!!…

 

جهات الأمن تتفرّج،

لا تُحرِّك ساكنا!؟…

كأنّها قِطعٌ،

زرقاءُ أو خضراءُ،

أُلصِقت بالجِدار!.

تنتظر الحاكمَ أن يأمر،

بل، تنتظر الحكّامَ،

أصحابَ القرار.

رجالُ الأمن عندنا،

لـمّا يُؤمرون:

بعكس، ما كُوِّنوا، يتحرّكون!…

بغير، ما عاهدوا،

عليه اللهَ، والمواطنَ، والوطن…

يتصرّفون!؟…

يَقمَعون المظلومَ،

بدُروعهم،

ويَحمون الظّالمَ،

بظهورهم!؟…

يعملون، عكسَ المسار!.

“حمايةُ الأرواح والممتلَكات”،

أصبح في “مْزابَ”، يا لَلعجب!؟:

مجرّدَ شِعار،

لا يزيد للجمر، إلاّ نفخةً!…

ولا يزيدُ الدّمارَ،

إلاّ الدّمار!؟…

* * * *

“ميزَابُنَا”:

الحافلُ بالأمجاد والمعالِم،

قد شرّف الجزائرَ،

في كلّ الأصقاع، والعَوالِم…

أرادوا أن يُدرجوهُ،

ضِمن الشّعوب البائدَة!؟.

وُجودُنا، بلا وُجود!.

ضياعُنا، بلا حُدود!.

قيمتنا؟:

قد صُنّفت-يا لَلعجب!-

ضِمنَ الأمور الزّائدة!.

يرونها، كما يَرى،

جَوعَى الذّئابِ:

جُلَّ الشّياهِ الشّاردة!…

قصّتنا، بعد الرّحيل:

سوف تبقى،

من القصص الخالدة!…

 

كلُّ الحجارة الّتي،

رَجمنا بها، بعضَنا البعض:

بأمرٍ، من السّلطان!،

بل، من أذناب السّلطان!،

بإيعازِ، أصحاب المصالحِ،

والطُّغيان:

سَوف يَجمعُها،

خبراءُ تفريقِ الشّعوب،

لبِناءِ، نَصبٍ تِذكاريٍّ لنا،

عند الغُروب،

غروبِ أُمّةٍ،

كانت:

من الأُمم الرّائدة!…

أمّةٌ!:

كبّروا عليها تكبيراتٍ،

بعَددِ العُهدة الرّابعة!…

لم يشفع لها، أنّها؛

“دَرءًا، للمفاسدِ”،

“وخوفًا، من شرور الحاسدِ”…

ومكرِ، كلّ شيطان ماردِ!”:”

كانت لهم،

دومًا تابعة!…

أمّةٌ!:

لم تكن، لأيِّ جزائريٍّ كانْ،

يومًا خادعَة…

أمّةٌ!:

لم تكن، في أيِّ عهدٍ كانْ،

تظهرُ مائعَة…

أمّةٌ!:

لم تكن، في يومٍ مَا،

– رُغمَ المِحَن-

للشَّوْك زارعَة…

أمّةٌ!:

من يقل فيها،

عكسَ، هذا البَيان:

فليرفعْ يَده،

شريطةَ أن يترُكَها،

“يومَ الجَزَاء”،

بين الخلائقِ، طالعَة!!!…

أمّةٌ!:

اِنتظروا:

اللهُ شاهدٌ لها،

“يوم اللقاء”!…

شهادةً شافعة…

مهما، ومهما !…

كانت الخصومُ،

في، قلب الحقائق، بارعة!.

* * * *

عَزاؤُهم لها، كان خطابٌ،

مُجملُه:

غردايةُ، معذرة!.

لقد كنتِ لنا -شكرًا-

أنتِ المانِعة:

لربيعٍ كاد يأتي:

بِبُذورِ الفاجِعة!؟…

ضحَّينا بكِ، معذرة!…

من أجل الجزائر،

فقط!.

بل من أجل، مصالحِنا،

لا غير!؟.

“مصالحُنا، فوق الجميع”،

حتّى ولَو،

وقعَت “الواقعة”!؟؟؟…

أنفسُنا!، جيوبُنا!…

فوق كلّ اعتبار…

ولو أصبحتْ، معذرة!:

الجزائرُ راكعة!!!.

 

يَشفعُ فينا، أنّنا،

-مهما نكنْ-

فبغيرنا، تَيقّنوا!:

الجزائرُ،

سوف تُمسي، ضائعة!؟…

* * *

شكرًا لك:

غردايةُ!…

بجراحِكِ، سوف نَخطو،

إلى العُهداتِ التّابعة!:

الخامسةِ!…

والسّادسةِ!…

والسّابعة!؟؟؟…

 

بجراحِكِ،

أو بجراحِ غيركِ…

لا يَهُمّ!؟؟؟:

فالجزائرُ واسعة!…

على أكتاف،

الضّحايا الطّيّبين،

سوف نجتاز:

العهدةَ التّاسعة!!!؟…

لا تسألوا،

عن الكَراسي، والوُجوه!؟.

لا تسألوا،

عن الإمام!؟.

لا يهُمّ!…

ما دامتِ الصّفوفُ،

لصلاتنا خاشعة!..

وأكُفُّهم، في الدعاء،

دومًا، لنا رافعة!…

* * *

أين المفرّ؟!.

ماذا نجيب؟!…:

حسبُنا الله، ونِعمَ الوكيل!”.”

اِنتظروا!:

على الظّلمِ، والظّالمين،

سَوف تُغلقُ الدّائرة!…

اِنتظروا!…

بل اُنظروا!:

كيف تحلّ “القارعة”!!!…

 

أبشر!:

“أغلانَنا” الحبيب! (الوطن، مْزاب)

ففجرُكَ الباسمُ قريب!…

وشمسُ نهارك ساطعة!…

لا تحزن!:

مهما طُعنتَ!، مهما جُرحت!…

مهما، ومهما!…

فيَدُ الخيرِ منكَ:

للكلّ صانعة!…

وأنهارُ الحبّ، منك:

للجزائر نابعة!…

شرقًا وغربًا!… شمالاً وجنوبًا!…

لأمازيغَ أو عَرَبْ!…

لكلّ لونٍ، أو لسانْ!…

للمذاهبِ كلِّها،

من لُؤلُؤٍ أو مُرجانْ!…

لكلِّ من، يكرّم الإنسانْ:

زهورُ السّلامِ: منك تنمو،

-بإذن الله- رائعة!…

منك، يحُلّ السّلام،

على، كلّ الأنام!…

قوموا:

بكلّ الألوانِ، نُصلّي،

صلاةَ شكرٍ جامعة…

غُفرانك ربَّنا،

اِرحم عيونَنا الدّامعة…

 

* تاغردايت، غرداية، الجزائر: الجمعة، 07 محرّم 1436هـ، 31 أكتوبر2014م، ليلة أوّل نوفمبر المباركة

ملاحظة:

خواطر كتبتها مرغمًا، وأنا قد منعت صحّيّا عن الكتابة لخلل في العيون. لكن الواجب جعلني أحترق كالشّمعة. وواقعنا المرّ هو الّذي يتكلّم، والقصيدة في الـــواقع هي الّتي كتبتني. فمعذرة إن أخطأت في التّعبير أو في التّقدير، فأنا لست، ولست من… فاسألوا العارفين. الله من وراء القصد، ويشفع لي أنّني أحترم الإنسان وأكره الفتن والطّغيان، وأحب الطّيّبين من كلّ الطّبقات والجماعـات، في ولايتنا العزيزة وفي جــزائرنا الغاليّة، وفي جميع أنحاء العالم… أنا فقير إلى دعاء المخلصين منكم لنا بالصّحّة والتّوفيق والعافية. شكرا لمن ساعدني في إخراج هذا العمل الأدبي الهادف، وشكــــــرا مسبقا على تعليقاتكم الطّيّبة وعلى نقدكم الهادف البنّاء. وأختم بشعار أبي الكريم في الحياة “الشّيخ حمّو فخّار” رحمــه الله:

“إن أريد إلاّ الاصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أنيب”.

 

أ. عبد الوهّاب حمّو فخّار.
باحث في الثّقافة والأدب الشّعبي
أستاذ اللغة الأمازيغيّة وآدابها بالمزابيّة.

إضافة تعليق