أنت الآن هنا: الصفحة الرئيسة - نافذة على مزاب - أعلام ومشائخ - عبد الرحمن بن عمر بن عيسى بكلِّي "البِكرِي"

نافذة على مزاب

الأربعاء 18 ديسمبر 2013

عبد الرحمن بن عمر بن عيسى بكلِّي "البِكرِي"

جمعية التراث

عالم جليل، وشخصية مرموقة، ولد بالعطف، وعُرف بالبكري نسبة إلى أبي بكر الصديق الذي ينهي نسبه إليه. 

تعلَّم القرآن ومبادئ التوحيد بمحضرة المسجد العتيق بالعطف، وأخذ مبادئ اللغة الفرنسية بالمدرسة الرسمية بها. 

حفظ القرآن الكريم واستظهره في مقتبل العمر، ودخل حلقة إروان - حفظة القرآن - في سنة 1921م. 

درس علوم اللغة والشريعة على عمِّه الشيخ الحاج عمر بن حمو بكلِّي بمعهده؛ كما أخذ عن الشيخ يوسف بن بكير حمو علي في دار إروان بالعطف؛ ثمَّ انتقل إلى عاصمة الجزائر للاستزادة من اللغة الفرنسية؛ وأخذ عن الشيخ المولود الزريبي الأزهري شرح لامية الأفعال وشذور الذهب. 

وبعد وفاة عمِّه الشيخ الحاج عمر انتقل إلى تونس في أواخر سنة 1922م، والتحق بالبعثة العلميَّة الميزابية التي كان يشرف عليها الشيخ أبو اليقظان إبراهيم، ودرس في جامع الزيتونة على الشيخ محمَّد الطاهر بن عاشور التفسيَر والأدب، والبلاغة على الشيخ الطيب سيالة، والأصول على الشيخ الزغواني، ودرس متن جمع الجوامع على الشيخ محمَّد بن القاضي، كما درس كتاب الأشموني على الشيخ الصادق النيفر. 

أمَّا في المدرسة الخلدونية فقد أخذ بها العلوم العصرية، ومن أساتذته فيها: الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب، والأستاذ عثمان الكعَّاك، والشيخ العبيدي. 

كان طيلة وجوده بتونس ما بين سنة 1923م و 1929م مُساعداً للشيخ أبي اليقظان في رعاية البعثة العلمية الميزابية، وبعد انتقال الشيخ أبي اليقظان إلى الجزائر ليبدأ في جهاده الصحفي، بقي سنداً للشيخ قاسم بن الحاج عيسى ابن الشيخ ما بين 1926م و1929م. 

وكان في هذه المدَّة التي قضاها بتونس، شديد الاتصال بطلائع الحزب الحر الدستوري: الشيخ عبد العزيز الثعالبي، والشيخ أبي إسحاق إبراهيم اطفيش، والشيخ توفيق المدني، والشيخ صالح بن يحيى؛ وفي تلك الندوات التي كانت تعقد في دار البعثة تكوَّنت آراؤه السياسية والوطنية. 

لما أنهى دراسته بالزيتونة وعاد إلى العطف مسقط رأسه، أجمع أعيان البلدة عزَّابة ورؤساء عشائر على ترشيحه لمنصب القضاء بها، فلم يسعه إلاَّ أن يقبل الترشيح، بعد امتناعه الشديد، وتحرُّجه من تبعات هذا الوظيف؛ فإذا بالسلطة العسكرية تقرِّر إلغاء محكمة العطف، وبذلك تخلَّصت السلطة ممَّن تشتمُّ منه رائحة تونس والدستور، وتخلَّصت من مواجهة إجماع بلدة بكاملها. 

عند تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931م حضر الشيخ الجلسة التأسيسية، وعيِّن عضواً في لجنة صياغة قانونها الأساسي. 

وفي شهر ماي 1934م عيِّن عضوا في حلقة العزَّابة بالعطف. 

عند اشتداد الأزمة الاقتصادية الجزائرية - بحكم تبعيتها لفرنسا - دعاه والده ليستعين به في حركته التجارية، فلبَّى النداء، ودخل ميدان التجارة لعدَّة سنوات، وقام بواجبه فيها خير قيام، ولكنه كان دوما موصول السبب بالحياة الفكرية والثقافية والسياسية بعاصمة الجزائر، فكان نعم المعين للشيخ أبي اليقظان في نضاله الصحفي، سيما ما يتعلَّق بتعريب المهمِّ من المقالات التي تصدر في الصحف الفرنسية بالجزائر وبفرنسا لتضلُّعه في اللسانين؛ وقد نشرت له العديد من المقالات، وكانت ممضاة باسم: «البكري». 

كما كان يشارك في نشاطات جمعية العلماء بالعاصمة، وكان مع ذلك عضوا بارزا في جماعة الإباضية بالجزائر، ومتصلا اتصالا وثيقا بحركة الإصلاح بالعطف، من ذلك مشاركته ضمن الجماعة التي أسَّست أوَّل مدرسة نظامية إصلاحية في وادي ميزاب، وكان يديرها الشيخ أحمد بن الحاج يحيى بكلِّي. 

وفي سنة 1939م ترك ميدان التجارة نهائيا وانتقل إلى بريان، ليتفرَّغ للتعليم، فأدار مدرستها إدارة حازمة، ثمَّ عيِّن واعظا ومرشدا في مسجدها، فعضوا في حلقة عزَّابة بريان، ثمَّ رئيسا للحلقة. 

وفي 1945م شارك جماعة الإصلاح بالعطف في تأسيس جمعية النهضة، وعيِّن رئيسا شرفيا لها. 

ثمَّ أسَّس بمشاركة إخوانه في بريان جمعية الفتح للإشراف على الحركة العلمية بها. 

من أبرز الأحداث التي واجهها في بريان محاكمته هو وجميع أعضاء حلقة العزَّابة في المحكمة الجنائية بالبليدة، بتهمة ممارسة سلطة التأديب والتعزير في المسجد على منتِهك حرمِه الشريف. 

وعند اندلاع الثورة التحريرية وامتدادها للصحراء، شارك مشاركة فعَّالة في العمل السياسي والتنظيمي، فألقي عليه القبض عام 1957م، هو ورفيقه الشهيد باسليمان إبراهيم لمنوَّر، الذي قتل تحت سياط التعذيب. 

أطلقت السلطات الفرنسية سراح الشيخ بعد عدَّة شهور، واستمرَّ جهاده إلى يوم الاستقلال 1962م. 

وفي سنة 1966م عيِّن عضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى، وعضوا في لجنة الإفتاء التابعة لهذا المجلس. 

وتولَّى رئاسة مجلس عمِّي سعيد بعد أن عجز الشيخ بيوض إبراهيم عن حضور جلساته في أخريات أيامه، ومَرضِ نائبه الشيخ يوسف ابن بكير حمو علي. 

في السبعينيات - بعد أن عجز صحيا عن إلقاء دروس الوعظ والإرشاد اليومية في المسجد - نظَّم ندوة أسبوعية يوم الإربعاء، في منزله، يحضرها نخبة من الأساتذة والمرشدين، استمرَّت إلى آخر يوم في حياته، ولا تزال تعقد هذه الندوات إلى يومنا هذا، وذلك بمسجد بريان، وتعرف ب: ندوة الإربعاء، أو ندوة الشيخ عبد الرحمن. 

من أعماله المطبوعة: 

1.تحقيق «كتاب النيل» للشيخ ضياء الدين عبد العزيز الثميني، معتمد المذهب الإباضي في الفقه، في ثلاثة أجزاء (مط). 

2. تحقيق كتاب «قواعد الإسلام» للشيخ إسماعيل الجيطالي، في جزأين (مط). 

3. «فتاوى البكري» في جزأين، (مط). 

4. «وصية البكري»، تصدير وتقديم الشيخ الحاج أيوب إبراهيم القرادي، (مط). 

أمَّا مؤلَّفاته غير المطبوعة، فنجدها في قائمة بخطِّ يده عنوانها: «ذكر تراثي الأدبي»، وقد طبعت هذه القائمة الهامَّة في ملحق «فهرس مخطوطات مكتبة البكري»، ولعلَّ من المناسب أن نوردها كما هي لقيمتها التاريخية: 

1. «رسالة في قضية العزَّابة ببريان 1947» الكراسة الأولى فالثانية، 1-2. 

2. كراسة تشتمل على «الوثائق العامَّة المتعلِّقة بالحياة الميزابية» (الكراسة الزرقاء(. 

3. «جمهرة رسائل البكري»، من 1 إلى 7 كرَّاسات. 

4. «تقارير المدرسة» (الكراسات) 1-2-3-4-. 

5. «ديوان البكري» 1-2. 

6. «التقارير» 1-2-3. 

7. «جمهرة خطب البكري»، 1-2-3 -4 (خاصة بالأعراس). 

8. «التقارير الأدبية لجمعية الفتح». 

9. كراسة «الإخوانيات». 

10.«رسالة الشيخ بيوض للشيخ اطفيش وللشيخ سليمان الباروني» وهما من الأعلاق النفيسة. 

11.سجلٌّ يشتمل على «نسب الدين مبتدئا من الأئمَّة». 

12.«تدشين المسجد» (خطبة مسهبة قيلت بمناسبة تجديد مسجد بريان سنة 1960. 

13.كراسة «مكنون العلم والفوارق اللغوية». 

14.«خلاصة سير الإصلاح بميزاب في جيل» الكراسات: 1-2-3-4-5-6-7. 

15.«معلومات تاريخية»: 1-2-3-4-5-6. 

16.«تاريخ التعليم المدرسي ببريان». 

17.«حياة ميزاب الاِقتصادية قبل سنة 1930». 

18.«كشكول البكري»: سجلاَّت: 1-2-3-4-5. 

19.«الجواب عن أسئلة الشيخ علي يحيى معمَّر، عن حياة الإباضية بالجزائر من عهد محمد بن بكر». 

20.كنَّاشة «نكت لطيفة وأجوبة ظريفة». 

21.كراسة تشتمل على «وثائق متنوِّعة». 

22.كتاب «الأجوبة النثرية» وهو نثر كتاب «الأسئلة والأجوبة النظمية» للشيخ خلفان العماني 1-2. 

23.سجلات «فتاوي البكري» في كراسات: 1-2-3-4-5-6-7-8-9-10-11- إلخ... 

24.«التقاييد الفقهية»: الكراسات 1-2-3-4-5-6، وهذه الأخيرة تشمل على رسالة الجن. 

25.«آثار أدبية من محرَّراتي» تشمل بالأخصِّ على محاضرتي عن المولد النبوي. 

26.إلى 35 (كراسات لمَّا تتم): - مكنون العلم -لطائف التاريخ -للعبرة والذكرى- -في رياض القرآن -المفاخر -حسن المراجعة، وصايا حكيمة -حقائق في التاريخ -الرأي والمشورة -كراسة الروايات -(كراسة) أحسن القصص - كراسة -ركن المرأة -كراسة تشتمل على تقاييد تاريخية -الائتلاق الميزابي -محاضرة الشيخ الباروني بنادي المعلِّمين ببغداد -كراسة «حديث الظرف» -كراسة التقاييد متنوعة. 

36.«مشايخ ميزاب» ترجمة محاضرة ل"لِلْبير" جاكوب. 

37.«التمارين المفيدة على القراءة الرشيدة»: ج1: (1) و(2)، ج2: (1) و(2) (غيرتامتين( 

38.«العلم والأدب» كراسة وشيكة التمام. 

39.«الآداب الإسلامية والأخلاق المرْضية» كراسة. 

40.«كراسة الحج» توديعا واستقبالا. 

41.«شرح مقامات أبي زهر»، غير تام. 

42.«ميزاب قبل مجيء فرنسا إليه وبعده منذ مائة سنة». 

43.«مؤتمر الكرثي وتعقيبه». 

44.سجل يحتوي على بعض «مواقف تتعلَّق بمظاهر من تاريخ الجزائر في عهد فجر استقلالها». 

45.كراسة تشتمل على «مقابلة أكثر من حكمة نثرية ونظمية بمثلها». 

46.كراسة تشتمل على محاضرات قيِّمة: ذكرى أبي اليقظان -الحياة المعا... [غير مقروء] في ميزاب -معلومات حول نظام العزَّابة -مقدِّمة لتلخيص سورة النور من تفسير الشيخ بيوض. 

47.«جمهرة رسائل البكري» (8) قسم المحاضرات. 

48.الشريط: بل أشرطة عديدة. 

49.«خطب الجمعة» سجلاَّت من 1 إلى 7. 

وتبقى هذه الأعلاق النفيسة في ذمَّة ورثته، قبل أن تذهب بها يد الأيام. 

تخرَّج على يده نخبة من أبناء بريان، توجَّهوا إلى معهد الحياة، وإلى البعثة العلمية بتونس، وإلى مختلف المعاهد الجزائرية بعد الاستقلال، وهم يعمرون مختلف المراكز في عموم القطر الجزائري. 

وترك مكتبة ثرية بالمخطوطات والمطبوعات النفيسة، وهي حاليا في مسقط رأسه العطف، وقد أنجزت لها جمعية التراث فهرسا في إطار مشروعها: «دليل مخطوطات وادي ميزاب». 

وافته المنية في بريان إثر مرض خفيف انتابه، وشيِّعت جنازته يوم الإربعاء 5 جمادى الأولى 1406هـ/15 جانفي 1986م، شهدها جمهور غفير من مختلف أنحاء القطر. ورثاه الخطباء والشعراء. 

إضافة تعليق