أنت الآن هنا: الصفحة الرئيسة - أحداث ومحطات - فتنة غرداية ديسمبر 2013 - دعوة إلى كلِّ مؤمن جزائري غيور

أحداث ومحطات

الثلاثاء 14 جويلية 2015

دعوة إلى كلِّ مؤمن جزائري غيور

عيسى بن محمد الشيخ بالحاج

بسم الله الرحمن الرحيم

 

﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىا كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمُ أَيُّكُمُ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾

ونشهد أن لا إله إلاَّ َهُوَ ﴿الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ ﴿لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾

القائل في محكم تنزيله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الاَمْوَالِ وَالانفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾

ونشهد أنَّ سيِّدنا وحبيبنا محمَّدًا هو أعظم المبتلين، وقدوة الصابرين، وأسوة المحتسبين،

القائل في جوامع كلمه: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة،

فاللهمَّ صلِّ عليه وسلم وعلى عترة آل بيته، وعطرة جلة صحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم يقوم الناس لربِّ العالمين.

أيُّها الأخ المؤمن الجزائري الغيور:

سلام من الله يترى عليك ما تزينت السماء بنور الكواكب، ورحمة من المولى تهمى عليك ما تضوَّعت الأجواء بندي الرواتب،

إنَّ لله تعالى سننًا قدَّرها في كونه لا تتبدَّل،
ومحنًا أرادها في خلقه لا تتحوَّل، قضاها في أزله على كلِّ أحد ليبلوه
أيصبر على بلائه فيجري عليها القضاء وهو مأجور،
أو يجزع من مصابه فيجري عليها القضاء وهو مأزور.

هذا وإنَّه لمن أشد المصائب التي يُبتلى بها المؤمنون في معترك حياتهم - لِحِكمة أرادها من لا معقِّب لحكمه ولا راد لقضائه - نار الفتنة البغيضة التي يوقدها بين الإخوة المؤمنين من كان به مَسٌّ من الشيطان لإذكاء نار الفرقة بين المتحابِّين في الله،
ويشعلها من كان له عهد مع إبليس لتوسيع بُون الشُّقَّة بين المتجاورين في الله، فتذهب ريحهم، ويسهل اقتناصهم إلى مهاوي الخزي في نار الجحيم،
عهدا قطعه إبليس اللَّعين على نفسه يوم أقسم لربِّه قائلا: ﴿رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيـِّنـَنَّ لَهُمْ فِي الاَرْضِ وَلأُغْوِيـَنـَّهُمُ أَجْمَعِينَ﴾
فما للمرء حيلة بين فتنة الله وعذاب الله إلا اللَّوذُ بحمى الله، والاعتصامُ بحبل الله، والتمسكُ بسنن الله،
وما كان الله تعالى الذي بيده الخير كلُّه ليذر المؤمنين في غفلة من أمرهم تجاه نشوب الفتن ووهج أوارها وهو الذي أرادها بهم
إذ قال:﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الاَمْوَالِ وَالانفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾،
وقضاها عليهم فقال: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُومِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾،
بل لقد أرشدهم وهو العليم الحكيم إلى طُرق علاج هذه المحن، ودلَّهم وهو اللطيف الخبير إلى إطفاء هذه الفتن، بوصفات طبية، وعلاجات نفسية، وتمائم إيمانية،
من جاء بها كان من المفلحين،
ومن جفاها كان من المعتدين.

أخي المؤمن الجزائري الغيور، إنَّه لا علاج لنا من هذه الفتن ولا خروج لنا من هذه المحن إلاَّ بما جعله الله تعالى دواء، وأراده شفاء ولا شافي غيره
كما قال الخليل إبراهيم ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾،
وهل هناك مرض أعظم من مرض نار الفتنة التي تسري في أوصال الأمة سريان المرض الخبيث في الجسم لا تبقي ولا تذر،
ولذلك لعن الرسول موقدها أو موقظها.

وما النار في الفتيلة بأسرع من التعادي في القبيلة،
نسأل الله تعالى أن يجنبنا لهب الفتن ما ظهر منها وما بطن.

هذا وإنَّ الأدوية التي أرشد الله تعالى إليها بينة واضحة في كتاب الله العزيز،
والتي دلَّنا عليها رسوله الكريم جلية في كلامه المبين،
إنَّها وصفات لا تخفى على أحد،
وهي مجانية لا تحتاج إلى أن تدفع للحصول عليها ثمنا باهظا أو زهيدا،
وهي في متناول كلِّ من طلبها لا تنفد فتفقد، ولا تبلى فتنفق.

وإليك أخي المؤمن هذه الوصفة ممَّن يعلم السر وأخفى:
﴿يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبـِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
﴿إِنَّمَا الْمُومِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
﴿يَآ أَيـُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمُ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُّطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾
﴿وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنـَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾

وإليك أخي المؤمن وصفة أخرى من الحبيب المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى:
«لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ».

«لاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا».

«أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ».
قَالُوا بَلَى.
قَالَ «إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ».

وقال مخاطبا علي بن أبي طالب :
ألا أدلُّك على أكرم أخلاقِ أهلِ الدُّنيا والآخرة؟
أنْ تَصِلَ من قطعك،
وتعطي من حرمك،
وتَعفو عمَّن ظلمك.

هكذا كان خلق المصطفى
وهذا ما طبقه في مسير حياته كلِّها،
فكان البلسم لكلِّ الجراحات، والهناء لكل الداءات،
إذ لم يكن سبَّابا ولا فحَّاشا ولا لعَّانا وما كان يحمل في صدره حقدًا على أحد،

وما قوله يوم فتح مكة: للذين آذوه وأخرجوه وقاتلوه:
اذهبوا فأنتم الطلقاء
إلا ثمرة إيمانه الحقيقي بوصفة الله تعالى الناجعة التي تعالج وساوس النفوس، وهواجس الصدور.

أخي المؤمن الجزائري الغيور،

لنحكِّم منطق العقل السليم، على شؤم الفعل الذميم،

ولنعد إلى منهج الله الخالق
فهو يريد بنا الخير كلَّه في وحدة وانتماء،
ولنبتعد عن منطق الشيطان الفاسق الذي يريد ﴿أَنْ يُّوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ﴾،

فيا قلبَ كلِّ حيٍّ بروح الله،
ويا ضمير كلِّ نيِّر بسنة رسول الله،

لنهضم نفوسنا فنسعى إلى السلام ابتغاء مرضاة الله،

ولنكن عونا لولاة أمورنا حفاظًا على وحدة جزائرنا التي ضحَّى عنها الشعب بكلِّ غال ونفيس،

ولا نكن عونا لمن يتربصُّ ببلادنا الحبيبة الدوائر يريد لها تمزيقا وتشتيتا،
لتكون أكلة سائغة بين الضواري المتربصة،

وما هول ما يجري في جيراننا ببعيد،

فالوحدة الوحدة أخي الجزائري،

والصفح الصفح أخي المؤمن،

والوئام الوئام أخي الغيور،

فالسلامة كلُّ السلامة في ذلك

﴿إِنْ يَّعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُوتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.

رحم الله شهدائنا الأبرار،
وأسكنهم جنانه مع النبيئين الأخيار،

وحفظ لنا بلادنا آمنة من كيد الفجار،
وشرِّ ما يختلف بين الليل والنهار،

وكفَّر عنَّا سيئاتنا
وإسرافنا في أمرنا إنَّه هو العزيز الغفَّار

﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾

والحمد لله ربِّ العالمين.

إضافة تعليق