أنت الآن هنا: الصفحة الرئيسة - أحداث ومحطات - فتنة غرداية ديسمبر 2013 - تَعاونوا أيُّها الأخيار على قلع جذور الدَّمار

أحداث ومحطات

الخميس 1 ماي 2014

تَعاونوا أيُّها الأخيار على قلع جذور الدَّمار

د. حمو بن عيسى الشيهاني

إنَّ مسلسل العدوان الهمجيِّ الممنهَج الذي تشهده منطقة غرداية كارثة إنسانيّة حقيقيّة من قتل ونهب وتخريبٍ وحرقٍ للمنازل والمحلات وتشريد للعائلات، وتدمير للمتاجر والمصانع والمزارع!!... والله أعلم بما دُبّرَ لهذا المسلسل من حلقاتٍ!!!… ضِفْ إلى ذلك تزوير الحقائق والتشهير في الإعلام، واختلاق أعظم الاتّهام والبهتان لتبرير الإجرام واستحلال دماء المسلمين الأبرياء وأموالهم… ﴿وَالذِينَ يُوذُونَ الْمُومِنِينَ وَالْمُومِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾(الأحزاب:58). فمثل هؤلاء المجرمين المعتدين الذين يبرِّرون سوءَ فِعالهم كمثل الاستِدمار الفرنسيّ الذي قال عنه شاعر الثورة التحريرية مفدي زكريا:

ومِروَحَةُ الدَّايِ لم تكُ إلاَّ              كما يستحلُّ اللصوصُ الحرامَا

        إنَّ ما يحدث في غرداية عدوانٌ واضحٌ على مواطنين جزائريّين ضربوا أروعَ الأمثلة في الاستقامة والوطنيّة والعمارة والحضارة… فليست هذه الأحداث في أصلها فتنةً طائفيّةً أو مذهبيّة كما تروّجه وسائلُ الإعلام لتصرف الأنظار عن أيادي الإجرام، نعم إنَّ منطقة غرداية تتميّز بالتنوّع العرقيّ والتعدّد المذهبيّ إلاَّ أنَّ تعايشَ المواطنين في هذه المنطقة قرونًا من الزمن -مع ما يعتري هذه المسيرة التاريخيّة من توترات ومنافسات في بعض الفترات كما يحدث ذلك في مختلِف الجهات من هذا الوطن الفسيح العزيز- دليلٌ قاطعٌ على بطلان هذه الدعوى.

فيا شرفاء الجزائر مسؤولين وعلماء وأيمّة وإعلاميّين وجمعيات وهيئات… تذكَّرُوا أنَّ سكوتَكم- وأنتم تتفرّجون على استباحة الحرمات وتدميرِ حضارة الألْف عامٍ وحرقِها- هوَ عَونٌ للظَّالم على عدوانِه… فهبّوا أيُّها الشرفاء الغيورُون لإيقاف مسلسل الإجرام في غرداية وبادروا لإنقاذ ما يمكن  إنقاذه من إزهاق الأرواح وإتلاف الممتلَكات…، وليتقّنْ كلُّ واحدٍ منكم أنَّه -على حسب مسؤوليته وطاقته – سيُسأل غدًا بين يدي الله تعالى عن مدى إسهامه في إخماد نار هذه الفتنة العمياء التي تعبث بأمن المواطنين واستقرار الوطن…

أيُّها الشّرفاء الغيورون: إنَّ واجبَنا الدينيّ والوطنيّ يملي علينا أن نهبَّ هَبّة رجل واحدٍ لدفعِ أيِّ ضرَرٍ أصابَ أيَّ واحدٍ مِنّا، مصداقًا لقول رسولنا الكريم الرحيم صلّى الله عليه وسلّم :«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». وأتصوَّرُ أنَّ الخطواتِ المرحليّة الضروريّة المطلوبَة منكم في سبيل إسهاماتكم المستعجَلة من أجل إيقاف مسلسل الإجرام والتدمير الذي تشهده منطقة غرداية هي:

01- المسارعةُ إلى إيقاف النزيف والحدِّ من امتداد نار العدوان، كلٌّ بطريقته الخاصّة ودائرة اختصاصه. ويتأكَّد التعجيل بهذه الخطوة- أيُّها السادة الغيورون الشرفاء- ولو لم تتَّضحْ بعدُ لديكم الأسباب الحقيقيّة لإيقاد شرارة الفتنة وإذكائها، فالمهمُّ أنَّ الخطر النازلَ يستوجبُ الإيقافَ العاجلَ، وإلا عَمّ الفسادُ وأهلكَ العباد وزعزع أمن البلاد ﴿وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾. “ومعظم النار من مستصغر الشرر!”.

02- ضرورة التثبّت من الأخبار التي تصلكم عن الأحداث؛ ذلك أنَّ العديد من وسائل الدعاية والإعلام توظَّفُ لصناعة الإجرام وتغذيته وتبرير عمليات المعتدين، وتشويه الحقائق وتضليل الرأي العام… كما يقول المثل الشعبيّ: “اَضربْني وابْكى واسبقْني واشتكى!” فالمطلوب منكم أيُّها العقلاء النّزهاء تحرّي الحقيقة بالبحث عن القنوات الإعلاميّة النظيفة، أو بعقد زيارات إلى عين المكان، و”ليس الخبر كالعيان”.

03- استجابةً لنداء رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم :«من رأى منكم منكرًا فليُغيِّـرْه…» فإنّه يتعيّن على كلّ جزائريّ رشيدٍ أن يُسهمَ في إيقاف مسلسل العدوان وقلع جذور الدَّمار الذي يعصف بمنطقة غرداية التاريخيّة قلعة الاستقامة والحضارة في الصحراء الجزائريّة، ويهدّد استقرار أمن البلاد.

إنَّ من مسؤوليات السلطة تغييرَ المنكر باليد؛ فعليها واجبُ المسارعةِ إلى القضاء على الجريمة في مهدها، والقضاءِ بالعدل على كلِّ من ثبت في حقّه التورّط في عمليات العدوان من تقتيلٍ وتدمير وتهجير…تخطيطًا أو تنفيذًا. «إنَّ اللَّهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ فَوْقَ مَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ».

وإنَّ من مسؤوليات جميع العقلاء الحكماء الشرفاء تغييرَ المنكر بالقلم واللسان؛ فإنَّ الساكتِين عن هذه المنكرات والعمليات الإجراميّة الشنعاء يُعتَبَرون مع المجرمين المعتدين شركاءَ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فإنَّ “نار الفتنة موقَدة، فأدركوها يا عقلاء الجزائر قبل أن تتّسع رقعتُها!”.

فيا أيّها العقلاء يا من تشاهدون يوميات العدوان والدمار ألم يانِ لكم أن تقولوا قولَةَ الحقّ لتبرئوا ذمّتَكم بين يدي الله ربِّ العالمين، ولِتوقفوا عن العدوان المجرمين، ﴿مَعْذِرَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (الأعراف:164)

فعلى كلٍّ جزائريّ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُنكر بملء فيه أعمالَ المفسدين القتلة المدمّرين… وأن يبيّنَ أنَّ أعمالهم العدوانيّةَ عين الإجرام؛ لا تمتُّ بصلةٍ إلى شريعة الإسلام. وأن يُحذِّرَ من مخاطر وسائل الدعاية الإعلامية التي تدأب على تشويه الحقائق وتعفين الأوضاع واختلاق التّهم والبهتان لتبرير أعمال المجرمين.

 إنَّ المتفرّج على أحداث غرداية المأساوية يتحمّل جزءًا من مسؤوليّة واجب السعيِ نحوَ إخمادِها، خاصّةً العقلاءَ منهم والمثقّفين وأصحابَ النفوذ... فنُذكّر السادةَ المتفرّجين أنَّ "الفتنة تشتعلُ بظلم الأشرار وتستفحلُ بصمت الأخيار"، فعليكم أيها الشرفاء الأخيار أن تَفِرّوا إلى الله بالصَّدعِ بكلمة الحقّ وإخلاص السعيِ لإحقاق الحقّ وإخماد نار الفتنة، وما استأسدَ أهلُ الباطل إلا بضعفِ أهل الحقّ وتقصيرِهم في إظهاره؛ فاعلم أيّها المتفرّج على مسرح الأحداث الأليمة أنَّ سكوتَك -وأنتَ قادرٌ على الإسهام بشيءٍ في تغيير المنكر- خِذلانٌ وإسهامٌ في تمكّن الظلم والعدوان، ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى اَلاِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ (المائدة:02)

فهُبّوا يا عقلاء الجزائر مسؤولينَ وعلماءَ ودعاةً ومثقَّفين وإعلاميّين…أيُّها الحكماءُ الغيورون النزهاء… هُبُّوا جميعًا لإيقاف مسلسل الإجرام والعدوان، وقلع جذور الفتنة الساعين في الأرض فسادًا، العابثين بأرواح المواطنين وممتلكاتهم وأعراضهم وبأمن الوطن واستقراره… قولوا كلمة الحقّ ولا تكتموا الشهادة، واستحضروا مقامَكم بين يدي الحقّ سبحانَه وتعالى، في ذلك اليوم الحقّ؛ فإنَّه لا صلاحَ لأوضاعنا ولا نجاةَ لنا في العاجلة والآجلة غير الوقوف مع الحقّ وإعلاء صَوتِه، لقول الحقّ سبحانه وتعالى: ﴿يَآ أَيـُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمُ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ…﴾ (الأحزاب:7071)     

تعليقات

مصطفى بيوضالخميس 01 ماي 2014 - 12:44

شكرا جزيلا استاذنا الدكتور علينا اعتبار هذه الحنة التي تمر بها ولايتنا العزيزة و مجتمعنا الى منحة لكي نراجع انفسنا و نزداد وحدة في المواقف و نبذ الخلاف الذي بيننا حتي نعبر هذه الزمة بسلام و لنتابع اي تحريض على العنف اما الاجهزة القضائية مهما كان مصدره و القلب الكتبر و السلام عليكم يا صديقفنا الدكتور ايام الجامعة

إضافة تعليق